البكالوريا

مقالة الشعورواللاشعور

مقالة الشعورواللاشعور

 

🟥مقالة مقترحة بقوة في بكالوريا 2022 ❤️
🟦مقالة الشعور واللاشعور بالطريقة الجدلية ✅
🔶مقالة لاتسقط تحت 15 باذن الله 🤲
هل قوام الحياة النفسية الشعور أم اللاشعور ؟
هل يمكن تفسير جميع السلوكات البشرية بإرجاعها إلى الوعي ؟
🛑#مقدمة : طرح المشكلة
إن محاولة فهم الكيان البشري ، ستحيلنا بالضرورة للتعرض إلى جانبين مهمين منه ، أحدهما مادي خاضع لقوانين الطبيعة ،وآخر نفسي مفارق للجسد . فالإنسان ينطوي على كيان داخلي شعوري ، مهم ، يحدد له شخصيته ووجوده الذهني . ونظرا لأهميته ، فقد سعى العلماء والفلاسفة الى تفسير ماهيته .غير أن ذلك التفسير لم يكن محلا للإجماع ففي الوقت الذي ذهب فيه أنصار الطرح الكلاسيكي إلى اعتبار الحياة النفسية شعورية خالصة ، خالفهم أنصار السيكولوجيا المعاصرة بأن أقروا أن الحياة النفسية ترجع إلى اللاشعور ، كجانب وجداني مظلم ، دائم النشاط ومحدد للسلوك . وأمام هذا الجدل صار من المشروع أن نطرح المشكلة التالية : هل يمكن القول أن سلوكات البشر ترتد إلى حالات شعورية واعية ؟ وإذاكان العكس ، فهل هذا يعني أن هناك جانبا آخر للحياة النفسية ؟
الموقف الأول :
يرى مفكروا وفلاسفة الفكر الكلاسيكي ، أن قوام الحياة النفسية هو الشعور كخاصية دائمة ، لصيقة بالإنسان . فلا وجود لجانب لا شعوري ، لأن فهم جميع السلوكات نرده إلى الوعي الدائم لما يجري في النفس من أحول . فلا يمكن ان تطرأ حال على النفس دون ان نكون في حالة وجدانية تسمح لنا بالإدراك الواضح لها . ويعتمد دعاة الخاصية الشعورية للنفس على عدة حجج . فما تكرارنا الدائم لعبارة “أنا أشعر” إلا دليل على وعينا الدائم لذواتنا . وقد أكد فيلسوف الإسلام “ابن سينا” أن أساس إثبات خلود النفس هو الشعور ، فإذا تجرد الإنسان من التفكير في كل محسوس ومعقول فلا يمكن أن يتجرد من التفكير في أنه موجود ، إذ يقول في ذلك : ” إن الشعور هوتغير في اتصال ” فمهما تنوعت حالاتنا النفسية وتعددت إلا أن القاسم المشترك بينها يبقى الشعور والوعي الدائمان . ويذهب أبو الفلسفة الحديثة “روني ديكارت” إلى رد جميع تصرفاتنا للحياة الشعورية ، فالتسليم عنده بثنائية النفس والجسد يقود للتسليم بأن النفس تعي جميع أحوالها . فالتفكير صفة جوهرية لأن العقل يستطيع تأمل جميع أفكاره والشعور بها ، والنفس لا تنقطع عن التفكير فيما يخالجها إلا إذا تلاشى وجودها . ومن هنا يقول : ” إن وجودي يستمر بمقدار ما يستمر التفكير . وإذا انقطع التفكير انقطع الوجود أيضا ” . ويضيف أيضا : ” ليست هناك حياة أخرى خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية ” .
وقد أثرت أفكار “ديكارت” في الفيلسوف الظواهري “إدموند هوسرل” الذي يقول : ” الشعور هو دوما شعور بشيء ما ” ، وعلى “جان بول سارتر” أيضا الذي جعل الشعور الدائم قواما للحياة النفسية ، ولنظريته في الحرية المطلقة للوجود لذاته . فهذه الأخيرة تستلزم دوما ذلك القلق الوجودي المتمثل في معاناة المواقف الحياتية شعوريا . وفي هذا يقول “سارتر” : ” لا توجد للشعور إلا طريقة واحدة في الوجود ، وهي أن يشعر بأنه موجود ” .وفي الفلسفة المعاصرة يبرز لنا زعيم النزعة الحدسية “هنري برغسون” ، كي يعترف أن الشعور ديمومة لا تنتهي ، فلا وجود لما هو غير حدسي ، بل كل ما في الأمر أن بعض الحالات النفسية يكون الشعور بها خافتالكنه لا ينقطع ، نسميه ” ماتحت الشعور ” ، وفي هذا يقول : ” إن حياتنا الواعية لحن كبير ، مطرد النغم ، يستهل بولادتنا وينتهي بموتنا ” . والحياة النفسية تكون بذلك اتصالا يبدأ في الماضي ويمتد في الحاضر والمستقبل .
🛑#النقد_و_المناقشة :
لا يمكن إنكار ماذهب إليه أنصار الطرح الكلاسيكي في موقفهم الشعوري ، من حيث أن الوعي خاصية مميزة للبشر . لكن التجربة اليومية تبين بوضوح قيامنا بعديد السلوكات دون أن نجد لها مرجعية مقنعة ، تفسرها ، فس ساحة الشعور . ألا يعني هذا أن خاصية الشعور لا تستطيع استيعاب جميع سلوكاتنا ؟!
🛑الموقف الثاني :
خلافا للموقف الكلاسيكي ، يذهب أنصار السيكولوجيا المعاصرة ، بواسطة مدرسة التحليل النفسي إلى أن قوام الحياة النفسية هو اللاشعور كجانب مظلم يحتل جزءا هاما من أحوال النفس . وقد ظهر هذا التفسير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد أطباء أمثال “بروير” و “شاركو” و “برنهايم” ، وخاصة الطبيب والمحلل النفساني ” سيغموند فرويد ” . وقد قدم “فرويد” عدة حجج عقلية وتعليلية غير مباشرة ، وحجج الحيل وغيرها . فاللاشعور ألصق مايكون بنا ، وأبعد مايكون عن إدراكنا ، وهوضروري ـ انطلاقا من مبدأ السببية ـ لتفسبر أفعال تصدر من كل شخص سليم كالهفوات والأحلام وفهم الأعراض الباثولوجية) المرضية (لدى المريض . إن التجربة اليومية تواجهنا بافكار تأتينا دون معرفة مصدرها فلا نجد إلا فرض اللاشعور لتفسيرها . لذلك فاللاشعور حسب “فرويد” ضروري لإدراك مدلول الهفوات ، كفلتات اللسان وزلات القلم والقراءةالخاطئة والخطأ في السمع والنسيان المؤقت وإضاعة الأشياء . ومن القصص التي يرويها فرويد عن فلتات اللسان ، افتتاح رئيس مجلس نيابي للجلسة بقوله : ” أيها السادة أتشرف بإعلان رفع الجلسة ” ، وبذلك يكون قد عبر لا شعوريا عن عدم ارتياحه لما قد تسفر عنه الجلسة . ثم إن التسليم بوجود اللاشعور هو الحاسم الوحيد لإظهار العلاقة بين الرغبات المكبوتة والأحلام . حيث يرى “فرويد” أن الأحلام هي نتيجة الصراع النفسي بين الرغبات اللاشعورية المكبوتة والمقاومة النفسية التي تعمل على قهر الرغبات وكبتها . ويروي ـ في هذا السياق ـ المحلل النفسي الأمريكي “فرينك” أن إحدى المريضات وجدت نفسها في المنام تشتري قبعة سوداء جميلة وغالية في الثمن ، فربط حلمها برغباتها اللاشعورية ، إذ أن في حياتها زوجا متقدما في السن تتمنى موته وإقامة الحداد عليه ولبس الأسود الذي هو لون القبعة ، وتريد زوجا غنيا ووسيما من خلال القبعة الجميلة والغالية في ثمنها .ويمكن التماس اللاشعور أيضا من خلال الحيل التي يستخدمها العقل دون شعور ، ويستخدمها لتغطية نقص أو فشل ، كالتعويض والتبرير والنسيان وغيرها . ومن امثلة التعويض مثلا ان الفتاة القصيرة تخفف من عقدتها النفسية بانتعالها أعلى النعال وهذا التصرف هو سلوك يرتد إلى نشاط نفسي تعويضي لا يخضع للوعي والمراقبة . وانطلاقا مما سبق يمكن القول أن “فرويد” يرد جميع تصرفاتنا إلى الرغبات المكتوبة في اللاشعور . يقول “فرويد” : ” كلما وجدنا أنفسنا أمام أحد الأعراض ، وجب علينا أن نستنتج لدى المريض وجود بعض النشاطات اللاشعورية التي تحتوي على مدلول هذا المرض ” .
لكن النظرية اللاشعورية تبقى فرضا فلسفيا لا يقينيا علميا ، إذ أنها لاقت عدة اعتراضات خاصة من رجال الدين والأخلاق اللذين رأوا أن “فرويد” جعل من الإنسان كائنا غريزيا تحركه رغباته المكبوتة . حتى أن الطبيب النمساوي “ستيكال” الذي كان يؤمن باللاشعور في مراحله الأولى اكتشف فيما بعد أن الأفكار التي يظهر أنها مكبوتة ، هي أفكار ما تحت شعورية وأن الناس بطبعهم يميلون لتجاهل وطرد الحقائق المؤلمة ، وهذه الأخيرة ليست لاشعورية بل هي تحت شعورية . ونجد في هذا السياق “سارتر” يرفض فكرة اللاشعور لأن الإنسان كائن حر وحريته تعني أن السلوك الإنساني يحيى في مجال الشعور .
من خلال التمعن في الموقفين السابقين ، لايمكن أن ننكر الخاصية الشعورية الواعية للإنسان لأن إنكارها يعني وضعه في خانة الوجود المادي . كما لا يمكن إنكار اللاشعور كواقع يعيشه الإنسان ويؤثر في سلوكه ، لأن التفسيرات التي قدمتها مدرسة التحليل النفسي لا يمكن إلغاؤها بشكل مطلق ، فالحياة النفسية ذات طبيعة مزدوجة ، يقتسمها جانبان ، الأول شعوري والثاني لا شعوري ، وهما متكاملان في رسم الشخصية البشرية على اساس التكامل الحركي لا الجمع الرياضي .
نستنتج في الأخير أن الإنسان يعيش حياة نفسية معقدة ،يصعب الفصل فيها والحسم في أمرها . غير أن هذا لن يمنعنا من الاعتراف بتكامل الشعور واللاشعور في بنائها . وتجدر الإشارة إلى أن النظرية اللاشعورية ، رغم ما تعرضت له من انتقادات إلا أنها تبقى ثورة في مجال المعرفة لفهم الواقع البشري . وقد دفعت النظرية اللاشعورية العلماء إلى تكثيف الدراسات من أجل تجاوز نقائص “فرويد” وتعديلها ، ودفعت الفلاسفة للرد عليها وتأكيد الخاصية الشعورية للإنسان في صورة فلسفة الديمومة ل”برغسون” والفلسفة الوجودية ل”سارتر” .
في الأخير ، إن الإعتقاد بوجود اللاشعور يبقى حقيقة تقترب من الإجماع ، غير أن تفسيراتها ـ من حيث أسبابه ودرجاته وتأثيره وعلاقته بالشعور ـ تبقى محل جدل صارخ يصل إلى التناقض والاختلاف .إلا أن كل هذا لن يؤثر على اعتقادنا الدائم بالخاصية الروحية الواعية والغالبة للإنسان ، مادام أنها تجعل منه الكائن الوحيد الأخلاقي و المسؤول عن أفعاله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستعمل مضاد الاعلانات يرجى تعطيلة للمتابعة